تقرير دولي يحذِّر من تأثير تغير المناخ على الأمن في العراق

تقرير دولي يحذِّر من تأثير تغير المناخ على الأمن في العراق

يهدد تغير المناخ استقرار العراق ويمكن أن يؤدي إلى اندلاع صراعات مستقبلية في البلاد، وهو ما يحتم على الحكومة العراقية والجهات الأمنية والشركاء الدوليين أن يأخذوا بعين الاعتبار عامل التهديد المضاعف لتغير المناخ في السياسة والممارسة، وفقًا لتقرير جديد صادر عن مركز المدنيين في الصراع.

وقال الباحث في مركز "المدنيين في الصراع"، ومؤلف تقرير "إذا غادرت.. لا أستطيع التنفس"،  جوردان ليسر روي: "من خلال هذا البحث، يتضح أكثر من أي وقت مضى أنه من أجل ضمان الاستقرار ومنع اندلاع النزاعات المستقبلية، يجب على الحكومة العراقية والجهات الأمنية والشركاء الدوليين أن يأخذوا بعين الاعتبار عامل التهديد المضاعف لتغير المناخ في السياسة والممارسة".

وركز المركز خلال هذا البحث، في المقام الأول على التجارب المعيشية للمجتمعات في محافظتي البصرة ونينوى، والتي تعتمد بشكل كبير على الأنشطة الرعوية والزراعية، تعتمد كلتا المحافظتين أيضًا على مياه الأنهار من نهري دجلة والفرات بالإضافة إلى مياه الأمطار للحفاظ على أنشطتها المعيشية واحتياجاتها الأساسية مثل الكهرباء، وأصبحت المياه موردًا نادرًا ومتنازعًا عليه في العراق نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي.

وجد "المدنيين في الصراع" أن تغير المناخ، جنبًا إلى جنب مع التدهور البيئي بسبب السلوك البشري، يؤثر بشكل مباشر على القضايا الحرجة مثل ندرة الموارد والتلوث وفقدان سبل العيش والهجرة الداخلية.

وحذر المركز من أنه إذا تركت هذه القضايا الحاسمة دون معالجة، فسيكون لها تأثير كبير على استقرار وأمن البلاد وكذلك مستقبل الأجيال الشابة.

ويشير المؤلف إلى أن بعض أسر المزارعين قاموا بزواج بناتهم القاصرات لتخفيف العبء المالي، وبعضهم سحب أطفالهم من المدرسة لإرسالهم إلى العمل، بينما وجد بعض الشباب فرصًا اقتصادية في تجارة المخدرات ومجموعات الأمن غير الرسمية.

وقدر مزارع من منطقة البعج في نينوى قابله المركز أن نصف الشباب في منطقته يعملون الآن في تجارة المخدرات أو يتعاطون المخدرات والكحول.

إلى جانب ذلك، خلفت ستة نزاعات مسلحة دارت على الأراضي العراقية على مدى العقود الخمسة الماضية ندوبًا وأضرارًا بيئية شديدة مع تدمير الأراضي الزراعية والرعوية، وإزالة الغابات، وتلوث التربة والمياه بالمواد الكيميائية المنبعثة من الأسلحة المتفجرة.

وأدى الوجود الكبير للذخائر غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحرب المنتشرة في الريف العراقي والمراكز الحضرية إلى تلوث الأراضي الصالحة للزراعة في جميع أنحاء البلاد؛ ما أجبر بعض المزارعين على التخلي عن أراضيهم، واعتماد إستراتيجيات مواجهة ضارة أو الهجرة إلى المراكز الحضرية.

أحرزت الحكومة العراقية والمنظمات غير الحكومية الدولية بعض التقدم في إزالة الألغام في المناطق المأهولة بالسكان، لكنها لا تزال غير كافية، خاصة في المناطق الريفية.

وأشار المركز إلى أن الكثير من المدنيين لم يشعروا فقط بأن الحكومة والجهات الأمنية غير قادرة على حمايتهم، بل شعر العديد من المزارعين والمزارعين السابقين بأن الحكومة تخلت عنهم لصالح صناعة النفط.

ويحذر ليسر روي: "لطالما استُغلت عدم الثقة تجاه السلطات من قبل الجماعات المتطرفة والفاعلين السياسيين في العراق وكذلك القوى الدولية التي تسعى للسيطرة على البلاد.. ولا يزال هناك خطر رؤية التاريخ يعيد نفسه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء للجمع بين السلطات والمدنيين".

وفي سعيه لمعالجة النزاعات المحتملة التي قد تنشأ بسبب تغير المناخ والتدهور البيئي في العراق، قام المركز بصياغة خمس توصيات عامة، ومن بينها: "يدعو المركز، حكومة العراق إلى مواصلة مفاوضاتها مع إيران وتركيا لضمان استمرار تدفق الأنهار من نهري دجلة والفرات لمنع اندلاع صراعات دولية على الموارد".

وتوصي المنظمة بتزويد الحكومات المحلية وقادة المجتمع بالتثقيف والموارد حول مخاطر تغير المناخ. كما تحث الحكومة العراقية، وكذلك الشركاء الدوليين، على تسريع إزالة الألغام وتوسيع جهود إزالة التلوث لتشمل المناطق الريفية.

ويعد مركز المدنيين في الصراع (CIVIC) منظمة دولية مكرسة لتعزيز حماية المدنيين في الصراع، وتتصور (CIVIC ) عالما لا يتعرض فيه أي مدني للأذى في الصراع، تتمثل مهمتنا في دعم المجتمعات المتضررة من النزاع في سعيها للحصول على الحماية وتعزيز تصميم وقدرة الجهات المسلحة على منع الضرر الذي يلحق بالمدنيين والاستجابة له.

تأسست CIVIC في عام 2003 من قبل مارلا روزيكا، وهي إنسانية شابة دافعت عن المدنيين المتضررين من الحرب في العراق وأفغانستان، واليوم، CIVIC لها وجود في مناطق الصراع والعواصم الرئيسية في جميع أنحاء العالم.

وفي عام 2019، وجدت الأمم المتحدة أن العراق هو خامس دولة معرضة لتغير المناخ في العالم، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050 سترتفع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين وتنخفض الأمطار بنسبة 9% في العراق.

وتشير التقديرات إلى جفاف 90% من أهوار العراق، وانخفض عدد أشجار النخيل الحيوية من 33 مليوناً إلى 9 ملايين فقط في عام 2021.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية